كل ليلة، كان ليو يجلس عند نافذته ويتأمل السماء المتلألئة، متسائلًا كيف سيكون الحال لو كان يملك نجمًا خاصًا به. بالنسبة إليه، لم تكن النجوم مجرد نقاط بعيدة في السماء المظلمة؛ بل كانت أصدقاء تنتظر أن تُكتشف. كان يحلم بأن يجد طريقة لالتقاط واحدة منها، متخيلًا كل الأمور الرائعة التي يمكنه فعلها مع نجمه الخاص. وفي مساءٍ جميلٍ قرر ليو أن يجرب.
استيقظ ليو مبكرًا جدًا، تمامًا مع أولى خيوط الفجر التي لامست السماء، محوِّلة إياها من الأزرق الداكن إلى تدرجات ناعمة من البنفسجي والزهري. كان هذا اليوم الذي سيحاول فيه أن يلتقط نجمة.
أولًا، تفحّص غرفته بحثًا عن أدوات قد تساعده في مهمته. وجد شبكته الموثوقة لصيد الفراشات، التي بدت بدايةً جيدة، وصنارة صيد قديمة كان والده يستخدمها في رحلات التخييم الصيفية. ظن ليو أنها قد تكون طويلة بما يكفي للوصول إلى الأعلى… حسنًا، كان يأمل أن تقربه قدر الإمكان من النجوم.
بعد أن جمع أدواته، عبّأ ليو حقيبة بعنايةٍ وضع فيها وجباته الخفيفة المفضلة، ومصباحًا يدويًا، وحجر حظه الذي كان متيقنًا أنه سيزيد حظه في اصطياد النجوم. ثم خرج مفعمًا بالحماس والدهشة، وعيناه تتلألآن مثل النجوم التي كان يأمل أن يصطادها.
أول مكان جرّبه ليو كان التل خلف منزله مباشرة. كانت أعلى نقطة في الحي، وظن أنه من هناك سيرتفع أقرب إلى النجوم. عندما وصل إلى قمة التل، لوّح بشبكته نحو السماء وقفز لأعلى بكل قوته. لكن مهما قفز، بقيت النجوم بعيدة عن متناوله، وكأنها تضحك بخفة بلمعانها.
مصممًا على عدم الاستسلام، قرر ليو التوجه إلى متنزه المدينة، حيث كانت شجرة بلوط قديمة شامخة، تتجه فروعها نحو السماء كما لو أنها أصابع تمتد إلى النجوم. تسلق ليو إلى أعلى ما استطاع، وشعر بنسيمٍ بارد يلامس خديه بينما يمد ذراعه ممسكًا بصنارة الصيد، آملاً أن يعلق نجمة من السماء. لكن مهما بدا أنه اقترب، كانت النجوم لا تزال بعيدة المنال.
تنهد ليو جالسًا على غصنٍ سميك، محدقًا إلى الأعلى وساقاه متدليتان. تساءل إن كانت النجوم خُلقت لتُعجب فقط من بعيد. لم تكد تخطر هذه الفكرة بباله حتى سمع حفيفًا خفيفًا بين الأوراق تحته.
من بين الظلال ظهر سنجاب ودود، عيونه لامعة وفضولية كما لو أنه أحس بشوق ليو. قال ليو وهو يمد يده: «مرحبًا! أحاول أن أمسك نجمة. هل تعرف كيف أصل إليها؟» مال السنجاب برأسه بتفكير، ثم تسلق بعض الأغصان حتى وصل إلى أحد الأفرع العليا. أشار بمخالبه الصغيرة إلى السماء ثم أصدر أصواتًا قصيرة وكأنه يقول: «حاول أعلى قليلًا؟»
شاهد ليو السنجاب يختفي بين الأغصان، فاستعاد عزيمته. إذا لم تكفِ الشجرة، فربما يجب أن يجرب شيئًا آخر—شيئًا أشد جرأة.
نزل من الشجرة وتوجَّه إلى الساحل، حيث ظن أن الفسحة الواسعة قد تمنحه فرصة أفضل لصيد نجمة. هناك، كانت النجوم تبدو أقرب إلى الماء، تتلألأ فوق الأفق مباشرة. بينما كان يمشي على الشاطئ والرمل البارد يدفع تحت أصابع قدميه، كان يمسح السماء بنظره باحثًا عن ألمع نجمة يمكنه العثور عليها.
لاحظ ليو قاربًا صغيرًا يتمايل بلطف قرب الشاطئ، وخطرت له فكرة. قفز إلى القارب، أمسك مجدافًا طويلًا، وجدَف إلى عرض البحر. ربما—فقط ربما—سيتمكن من الاقتراب بما فيه الكفاية هناك.
كانت الأمواج تهز القارب بلطف، وكلما انجرف ليو بعيدًا عن الشاطئ شعر بأنه أقرب إلى النجوم من أي وقت مضى. تلالأ ضوء القمر على الماء مكوّنًا دربًا فضّيًا يقوده، وانعكست النجوم على السطح كأضواء صغيرة راقصة، كأنها تشارك حلمه في اللعب.
عندما نظر ليو إلى الأعلى، رفع صنارة الصيد مجددًا ومدَّ نفسه إلى أقصى ما يستطيع. بدت النجوم تتلألأ أكثر إشراقًا، كما لو أنها تشجعه، لكنها ما زالت خارج متناوله.
بعد ساعات من المحاولة، تعب ذراعاه، فترك صنارة الصيد مستندة في القارب واستلقى وهو يحدق إلى السماء بابتسامة عازمة. واصلت النجوم رقصتها الصامتة المتلألئة، وشعر ليو بدفء سلام يملأ قلبه. ربما، فكر، لم يكن الأمر متعلقًا فقط بصيد نجمة، بل ربما كانت المغامرة نفسها هي الأهم.
تمامًا حين كان على وشك إغماض عينيه، لاحظ ليو شيئًا مختلفًا—توَهُّجًا غير عادي يتحرك عبر السماء. لم يكن مثل النجوم الأخرى؛ بدا وكأنه يقترب. خفق قلبه بحماس. هل هذا هو؟ هل نجمة تقترب للقائه؟
مع اقتراب التوهج، أدرك أنه ليس نجمة بل يرعة صغيرة متوهجة ترفرف فوق قاربه مباشرة، ونورها الخافت يملأ المكان بهالة دافئة. حلقت اليراعة حول رأس ليو ثم استقرت على صنارته، فأضاءتها بوميضٍ صغير.
همس ليو مبتسمًا: «مرحبًا أيها الصغير، هل جئت لتؤنسني؟» وميض ضوئها كأنه رد، ورقصت حوله مطلقة دوائر صغيرة من الضوء داخل القارب. لوهلة، شعر ليو كأن قطعةً من النجوم حاضرة معه حقًا.
في النهاية، جدف ليو عائدًا إلى الشاطئ وكانت اليراعة تلاحقه حتى البيت. عند وصولهما للشاطئ، حملها بلطف في كفه معجبًا بتوهجها الرقيق. في ضوئها الخافت شعر ليو برضا هادئ.
عند عودته إلى البيت، فتح ليو نافذة غرفته وأطلق اليراعة إلى السماء الليلية، يراقبها وهي تنضم إلى الأضواء المتلألئة الأخرى. وبينما كانت تنجرف بعيدًا بدا أنها تومئ له كما لو أنها تقول وداعًا صغيرًا لصديق جاء ليشارك حلمه، ولو لفترة قصيرة.
ترنَّح ليو على فراشه وهو يحدق في النجوم بابتسامة هادئة. لم يصطد نجمة بالطريقة التي تخيلها، لكنه شعر أنه اقترب أكثر مما كان يتصور. استمرت النجوم في الإشراق فوقه، ونورها الصامت ملأ غرفته بتوهّج ناعم. أصبحت تبدو كأصدقاء، لم تعد بعيدة ولا بعيدة المنال، بل قريبة ومواسية.
ومن تلك الليلة فصاعدًا، في كل مرة كان ينظر فيها ليو إلى السماء، كان يعلم أن نجمه موجود هناك في مكان ما يراقبه. وكان ذلك بالنسبة له أكثر من كافٍ.
في صباح اليوم التالي، سأل أصدقاء ليو أين ذهب مبكرًا هكذا. بابتسامة غامضة أجاب ببساطة: «ذهبت في مغامرة لصيد نجمة.» ضحكوا دون أن يفهموا تمامًا، لكن ليو لم يمانع. كان يعلم أنه شارك لحظة خاصة مع النجوم، لحظة سيحملها معه إلى الأبد.
في الأيام التالية واصل ليو النظر إلى النجوم كل ليلة، مكتشفًا أنماطًا وأشكالًا جديدة في ضوئها المتلألئ. أحيانًا كان يرى اليراعة تنجرف عبر نافذته، كما لو أنها تلوح مرحبًا وتذكره برحلتهما المشتركة. وكلما رآها، ابتسم ليو، شاعِرًا بأنه حقًا يملك صديقًا بين النجوم.
