مقدمة
فوق قرى الصيد النائمة والمنازل ذات الأسقف المكسوة بالعشب في آيسلندا، حيث تقطع حواف التلال السماء كأنها أسنان منشارٍ قديم ويتراكم الثلج في تجاويف الصخر، تحتفظ الجبال بصحبتها الخاصة. على مدى أجيالٍ قيل إن تلك الشقوق الباردة تؤوي عائلةً لا تشبه غيرها: نسلٌ من العمالقة والعفاريت عنيدون كالحجر القديم ومتقلّبون كالرياح الشتوية. تتزعّمهم غريلا، امرأة عملاقة مخيفة لديها شغفٌ بالأطفال المشاغبين، وزوجها الكسول ليبالودي، لكن في قلب بيتهم صفٌ من الأبناء — أولاد عيد الميلاد — ثلاثة عشر فتى، لكل واحد شهيةٌ غريبة للمقالب وشخصية مميزة كأنماط الصقيع.
لا يصل أولاد عيد الميلاد دفعة واحدة. بدءًا من أواخر ديسمبر، ينزلون واحدًا تلو الآخر من مغاورهم الجبلية، يتسلّلون عبر الثلج والظلال إلى البلدات والمزارع الصغيرة. يأتون لاختبار الصبر: يختلسون سجقًا هنا أو يسرقون حذاءً هناك، يهزون أواني المطبخ ويتركون خلفهم فتات ضحكٍ ودرسًا صغيرًا. في البيوت التي كان فيها الطفل لطيفًا ووضِع وعاءٌ من العصيدة بعنايةٍ على حافة النافذة، قد يترك أولاد عيد الميلاد قطعة نقود أو حلوى صغيرة؛ أما حيث يسود الجشع أو الكسل أو القسوة، فسيكون ردّهم بالمقالب والوسائد المسطّحة. تَحوّل إيقاع زياراتهم — فتىً كل ليلة حتى ظهور الثالث عشر — إلى وسيلةٍ للعائلات لعدّ ليالي موسم اليول. عبر القرون تضخّمت الحكايات وتحوّلت، استقرت الأسماء، وتلاشى الخط الفاصل بين التهديد واللعب. اليوم يعيشون في الحكايات التي تُروى بضوء الشموع وعلى بطاقات مصوّرة، لكنهم لا يزالون يحملون برية الجبال وتحذيرات الماضي عن الوفرة والندرة، عن اللطف والسوء في السلوك. في هذا السرد ستنتقل عبر أصولهم، معاني أسمائهم، حيلهم وإيماءاتهم، والعادات الحية التي تبقي وجودهم مرحًا وحكيمًا في شتاء آيسلندا.
الأصول، غريلا وسكان الجبال
تغوص جذور أولاد عيد الميلاد في نفس تربة حكايات شمال أوروبا عن كائنات البيت وأرواح الحدود وحُماة الشتاء — قصصٌ ربطت البقاء بمعرفة الفصول والاحترام للمجهول. شكلت المناظِر المعزولة لآيسلندا وشتاؤها الطويل ومحاصيلها المهدّدة فولكلورًا كان بمقدوره أن يكون تعليمًا وعزاءً وتسليَة. حين كان الطعام نادرًا والعواصف تغلق المضائق، وفّرت الحكايات لغةً للخوف وطريقةً لكبح جماح الأطفال. تبدأ قصة أولاد عيد الميلاد في بيتٍ أكبر من المعتاد: عائلة من العفاريت والعمالقة تعيش في الجبال العالية وتهبط إلى الوديان في الشتاء. في مركزها تقف غريلا، عملاقة ضخمة تظهر في السجلات المكتوبة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، لكنها بالتأكيد أقدم من تلك المخطوطات. صورها المبكّرة كانت تصورها كمخلوقٍ مروّعٍ ونَصحي — شخصية تحذيرية تلتهم الأطفال المتمردين، حكاية يرويها الآباء القلقون لدفع الصغار نحو الطاعة. وجود غريلا ليس انتقاميًا فقط؛ إنها تجسيد لقسوة الشتاء، تجسيد للجوع وقانونٍ أساسي مفاده أن الإهمال في بيئةٍ قاسية قد يكلف ثمناً باهظًا.
لقد ورثت التقاليد الشفوية عبر الأزمنة نسخًا اختلفت اختلافًا كبيرًا من منطقةٍ إلى أخرى. في بعض الروايات تبدو غريلا مرعبة فوق كل شيء؛ وفي أخرى تتحول إلى شخصيةٍ هزلية، مشوّهة لكن ذات رغبات إنسانية بطريقةٍ غريبة. تتزوج غريلا ليبالودي، شخصيةٌ كسولة نائمة يوحي اسمها بالكسل، ومعًا يربّيان أطفالًا فوضويين: أولاد عيد الميلاد. تُعرَض هذه الأبناء أحيانًا كذريّةٍ لغريلا وحدها — مولودين من صخرة أو من عواصف الشتاء — بينما تمنحهم تقاليد أخرى آباءً وأشقاء من أمّهاتٍ متعدّدة. الصورة التي تظهر عبر القرون متنوعة مثل مضائق آيسلندا: أحيانًا يكون الفتيان قطاع طرق ينهبون المطابخ بشراهةٍ وحشية؛ وأحيانًا يكونون مثيري شغب يسرقون ممتلكات البشر لمجرد اللهو. هذا التباين جزءٌ أساسي من سحرهم؛ فهم يتكيّفون مع الظروف واحتياجات السارد — وسيلة لجعل الحكاية حازمة مع الأطفال العصاة وفي الوقت نفسه مرحة تُروى قرب الموقد.
الجبال كمكانٍ لهذه الكائنات تساعد على تفسير لماذا شعر الناس بأن أولاد عيد الميلاد قريبون وبعيدون في نفس الوقت. الجبال في آيسلندا تكتسب هالةً من المجهول: وجوه منحوتة بالرياح، كهوف وشقوق تتحوّل فيها الأشعة إلى إشاعات. لإبقاء الأطفال داخل البيت بعد الغسق، لم يكتفِ الكبار بأمرهم بالعودة؛ بل رووا عن الأشكال التي تتحرّك خلف أضواء القرية. لذا لم يكونوا مجرد آفات بل حماة حدودٍ. في الشتاء، عندما يتقلّص النطاق البشري ويصير العالم الخارجي موطنًا للظلال، كانت حكايات الحدود تُعلم الحذر. بالنسبة لمن يعيشون على حافة البقاء، يعمل الفولكلور كدليل بقاء على شكل سرد: إذا تعلّم الطفل وضع حذائه في المكان الصحيح مع وعاءٍ من العصيدة بجواره فقد يُكافأ؛ وإذا انحدر نحو الوقاحة فالحكاية توعد بالعاقبة.
مع انقضاء القرون خُطّ أولاد عيد الميلاد على التقويم. ظهرت ممارسة تخصيص فتى لكل يوم من موسم اليول مطبوعًا في سجلات القرن التاسع عشر، عندما بدأ جامعو الفولكلور بتوثيق التقاليد المحلية بدقّة. برز نمطٌ آيسلندي مميز: ثلاثة عشر شخصية مسمّاة، لكلٍّ عادةٌ محددة وحيلةٌ مميزة. تصوّر الناس أنهم ينزلون من الجبال واحدًا تلو الآخر، يظهر كل منهم ليلةً في البلدات أدناه، كسلسلةٍ من الزوّار الصغار الذين يختبرون ضيافة العائلات وسلوك الأطفال. هذا التركيب حوّلهم إلى طقس عدّ خلال ليالي اليول. بينما أكدت بعض السجلات المبكرة على تهديدهم، عمل رواة القصص في القرنين التاسع عشر والعشرين على تلطيف الصورة، فأضافوا للشخصيات طابعًا أكثر إنسانيةً وأقل تهديدًا، وجعلوهم يوازنون بين مكافأة السلوك الحسن ومعاقبة السيئ.
جزءٌ مهم من بقائهم حتى العصر الحديث يعود إلى الثقافة الأدبية في آيسلندا. حافظت الساغات والحكايات الشعبية، ولاحقًا المجموعات المطبوعة من الفولكلور، على الأسماء والسمات وسَوَّغتها. وأضفت البطاقات البريدية وكتب الأطفال المصوّرة والإعلام الحديث صيغًا جديدة لظهورهم: فتى يصل كل ليلة لثلاث عشرة ليلة من 12 إلى 24 ديسمبر، يتسلّل إلى المطابخ والحظائر ليفعل ما يُتقنه. ومع هذا العرض العائلي اللطيف يظل القلب الأخلاقي القديم — قصة عن رعاية المجتمع، والحفاظ على الموارد، وعواقب الجشع والإهمال — حاضرًا.
إلى جانب غريلا وأولاد عيد الميلاد هناك شخصية أخرى تُكمل البيت: قطّ عيد الميلاد، قطّ ضخم يُقال إنه يلتهم من لم يُعطَ ثيابًا جديدة قبل العيد. يعمل هذا المخلوق كدفعة اجتماعية نحو الاجتهاد؛ فالأشد فقرًا، غير القادرين على الغزل أو الحياكة، قد يجدون أنفسهم فريسة لجوع القط ما لم يُمنحوا ثوبًا جديدًا — طريقةٌ لحثّ العائلات على رعاية بعضها البعض. شكّلت ثلاثيةُ غريلا، وأولاد عيد الميلاد، وقطّ عيد الميلاد منظومةً أخلاقيةً مُدمجة؛ نوّعوا نظامًا من المكافآت والعقاب مرتبطًا بوقائع الحياة المادية قبل الصناعة، وساعدوا المجتمعات في الحفاظ على المعايير حين كانت القوانين والبيروقراطية غائبة، وفعلوا ذلك عبر قصص تحوّل الرهبة إلى درس والندرة إلى همٍّ مدني.
تحافظ آيسلندا المعاصرة على هذه الشخصيات ضمن رقصةٍ ثقافية: تنظم المدن أسواقًا موسميةً وعروضًا مسرحية تروى فيها الحكايات، وتشعل العائلات الشموع، ويترك الأطفال أحذيتهم على نوافذهم متوقعين هدايا صغيرة. تحوّل أولاد عيد الميلاد من تهديد إلى تقليد، لكنهم ما زالوا يحتفظون بحوافّهم. في الروايات الحديثة يتحولون إلى سفراء لحقبةٍ منسية: مرحون وما زال فيهم بعض الخيارات الخشنية — وهذه الخشونة هي جزء مما يربطهم بسواحل الجزيرة الصخرية ولياليها الطويلة. حتى الآن، عندما تُعدّ عائلة طعامًا لزيارة فتى، تكون مشاركةً في تبادلٍ يرجع إلى زمنٍ كانت فيه مثل هذه المبادلات مسألة بقاء. يظل أهل الجبل ذاكرةً ومرآةً في آنٍ واحد: جزءًا من الماضي البري لآيسلندا وانعكاسًا لقيم أبقت المجتمعات حية عندما كان الشتاء قادرًا على أن ينهبَ كل شيء.
الفتيان الثلاثة عشر لعيد الميلاد: الأسماء، الحيل والتقاليد الحية
سجل أولاد عيد الميلاد عملٌ يجمع بين الذاكرة والسرد. كل اسم يتناسب مع خدعة، وتعلّم كل خدعة درسًا محددًا عن السلوك أو ممارسات المنزل أو التوقُّعات الاجتماعية. رغم تفاوت القوائم في التراث القديم، فإن القائمة الحديثة المألوفة — Álfs، Stekkjarstaur، Giljagaur — معروفة في معظم البيوت الآيسلندية اليوم، حيث يُخصص لكل فتى ليلة بين 12 و24 ديسمبر. الفتيان ليسوا مجرد كاريكاتيرات؛ هم شخصيات صغيرة ذات شهواتٍ مميزة للشقاوة ومنطقٍ يفسّر نزواتهم الخاصة.
سرد قائمة الأسماء للأطفال ليلًا بعد ليل منح العائلات طقسًا موجزًا في أحلك أيام السنة: يصل فتى جديد، يقوم بحيلته الصغيرة، ويترك أثرًا في رواية البيت. كان بإمكان الآباء إدراج التعليم داخل السرد دون أن يبدوا قساة؛ بدلًا من قول "لا تسرق"، كانوا يروون قصة فتىٍ ذا أنفٍ باردٍ سيأتي ليختلس قطعة زبدة إذا وُضع طبق مهمَل. القائمة التي تستخدمها معظم الأسر اليوم هي نتاج فرزٍ في القرنين التاسع عشر والعشرين، حين جمع جامعو الفولكلور الروايات الشفوية ووحدّوا الأسماء. فيما يلي نسخة تلتقط الشقاوة والفكاهة التربوية:
1. Stekkjarstaur (أحمق حظيرة الأغنام): شخصية نحيلة تتمايل وتتلمّس حول حظائر الغنم محاولًا أن يرضع النعاج. يمثل تذكيرًا بوجوب حماية الماشية والتيقّظ في المراعي الشتوية. محاولاته العرجاء والمثابرة في المقالب غالبًا ما تنتهي بالإحراج، فيصبح عنصرًا هزليًا أمام من يهمل واجباته.
2. Giljagaur (المتربص بالأخاديد): يختبئ في الأخاديد ويتسلّل إلى الحظائر ليختلس الحليب. تعلّم حيله الأطفال أن مواردًا مثل الحليب ثمينة وأن التسلل أو الطمع يتركان أثرًا اجتماعيًا عند ممارستهما بلا تفكير.
3. Stúfur (قصير القامة): قصير القامة وذو شهية كبيرة؛ يسرق المقالي وكل ما هو صغير وسهل الحمل. حضوره يحذّر من ترك الأدوات وأواني الطبخ دون مراقبة؛ إنه السارق الصغير في المنزل، إزعاج بسيط يدفع الناس إلى الترتيب.
4. Þvörusleikir (يلعق الملاعق): لا يقاوم الملاعق الخشبية؛ يتسلّل إلى المطابخ ليعقها حتى تبدو نظيفة. في هذا الفتى حميمية هزلية — عادته تعاقب إهمال غسل الأواني وتكافئ النظافة، دفعة مرحة نحو المحافظة على النظافة.
5. Pottasleikir (يلعق القدور): قريب الصلة بـÞvörusleikir، يختلس بقايا الطعام من القدور، مذكّرًا العائلات بضرورة تخزين الطعام بأمان وتقدير جهد الطهي.
6. Askasleikir (يلعق الأوعية): يختبئ تحت الأسرة وينتزع الأوعية التي تُترك في متناول اليد. يجسّد هذا الفتى عادةً قديمة لوضع الأوعية والأحذية على حافة النافذة أو ترك العصيدة للزوار؛ كانت هذه الأساليب عملية في مطبخٍ بلا كهرباء وتحولت إلى طقس في الفولكلور.
7. Hurðaskellir (قارِع الأبواب): بارع في صفع الأبواب وهزّ المصاريع في منتصف الليل. قد تكون مقالب Hurðaskellir مزعجة لكنها نادرًا ما تكون مدمرة — تذكيرٌ بضرورة تأمين المساكن ضد الرياح والانتباه لضجيج المجتمع وراحته.
8. Skyrgámur (آكل السكاير): يعشق السكاير، ذلك القشدة الألبانية الآيسلندية الكثيفة. تلفت شهية Skyrgámur الانتباه إلى خصوصية الطعام الثقافية: فاختياره لوجبته الخفيفة يعكس المكان بقدرما يعكس الشخصية.
9. Bjúgnakrækir (سارق النقانق): النقانق هاجسه، وسيسرقها من غرف التدخين متى سنحت الفرصة. يبرز وجوده أهمية اللحوم المدخنة في النظام الغذائي الشتوي والحاجة إلى حماية الأطعمة المعالجة.
10. Gluggagægir (المتطلّع من النافذة): يتربّص خلف النوافذ يراقب العائلات من الخارج. الفتى الذي يتأمّل الداخل هو مثير للرعب وفي الوقت نفسه حميم؛ عادته تذكّر الآباء بتعليم الأطفال التصرف بوقار حتى وهم تحت المراقبة وأن يفخروا بالدفء والضيافة بدلًا من الشعور بالخجل.
11. Gáttaþefur (شمّاش العتبات): بقدرةٍ على شمّ الأبواب المفتوحة والخبز الطازج، يتفقد العتبات بحثًا عن الحلويات. يمثل حاجتنا إلى إغلاق الأبواب ضد الطقس وإلى ممارسة الضيافة بمسؤولية.
12. Ketkrókur (خطّاف اللحوم): معروف بمحاولاته لالتقاط اللحوم المعلقة من العوارض؛ تنبع قصته من مشكلة عملية في تخزين اللحوم المعالجة بعيدًا عن الآفات — وعن أيدي البشر أيضًا. تحثُّ أفعاله على تخزينٍ محكم واحترام أساليب حفظ الطعام.
13. Kertasníkir (سارق الشموع): يجذبه ضوء الدفء، فيختلس الشموع ومصابيح الدهن. يؤكد سلوكه هشاشة الإضاءة المنزلية في الشتاء الطويل وقيمة إدارة النور بأمان.
يمكن للأهل أن يرووا قصة كل فتى بسرعة مع مجيء كل ليلة، ومن خلال هذا السرد يتعلم الطفل إيقاعات المنزل — أين يُخزن الطعام، كيف يتصرف عند وجود الضيوف، ولماذا يجب أن تتكاتف العائلة عندما يكون الطقس قاسياً. جرائم الفتيان بسيطة ومنزلية أكثر منها وحشية؛ وهذا جزء من جاذبيتهم الدائمة. مقالبهم قريبة من الحياة اليومية: يختلسون الحليب، يتلصصون من النوافذ، يخطفون النقانق. ومن خلال ذلك يحافظون على توازن الاقتصاد الأخلاقي في البيت.
مع الزمن اكتسب هؤلاء الفتيان معانٍ جديدة. عندما تحوّلت المجتمعات الآيسلندية من العزلة الريفية إلى المدن، تكيف الفتيان؛ طُبعوا على بطاقات البريد، وحوّلوا إلى كتب أطفال، واعتمدتهم ثقافة سياحية متوسعة تبحث عن روايات رمزية. ومع تدجينهم إلى أيقونات جذابة، ظل كثير من الآيسلنديين يحتفظ بجوانب قصصهم الأشدّ حدةً؛ بقيت فكرة أن الفتى قد يضع قطعة فحم بدلًا من عملة عند السلوك السيئ علامة تحذيرية، ولا تزال العائلات تروي عن ترك الأحذية قرب النوافذ مع العصيدة للفتيان كوسيلة لدعوة المكافآت الصغيرة. المدارس وجماعات المسرح المجتمعي تعرض تفسيرات معاصرة تؤكّد الفكاهة والصداقة والثقافة المشتركة بدلًا من الخوف الحقيقي.
الممارسات المرتبطة بأولاد عيد الميلاد هي أشكال هادئة من نقل الثقافة. للأطفال، يصبح إيقاع زيارات الفتيان الليلي تقويمًا: ضع حذاءك، كن لطيفًا، ساعد والديك، وقد تجد هدية صغيرة صباحًا. تقليد وضع الحذاء على حافة النافذة يعمل كمعاملة طقسية: فعل الطفل — وعاءٌ صغير من العصيدة أو حذاء مرتب — يلبّي حاجة أهل الجبل للاعتراف. في السنوات الأخيرة أصبح تبادل الهدايا أكثر تجاريّة وتسربت صور سانتا الحديثة إلى الأسواق الآيسلندية، لكن كثيرًا من الأسر تقاوم التغيير الكامل متمسّكةً بأولاد عيد الميلاد كنقطة مقابل آيسلندية مميزة لشخصية سانتا العالمية.
يعجب علماء الأنثروبولوجيا والباحثون في الفولكلور بأولاد عيد الميلاد لقدرتهم على البقاء لأنهم لا يتطلبون عقيدة جامدة؛ فهم أدوات سردية مرنة تُعلّم وتُسلي وتُذَكِّر. أسماؤهم مخيطة في نسيج الثقافة الآيسلندية — تظهر في أناشيد الأطفال، وعلى بطاقات العطلات، وفي مقتنيات أسواق الشتاء المرِحة. تساعد قصصهم على حفظ ذاكرة المجتمع عن المشقّة والابتكار: فتى يسرق النقانق يشير إلى اقتصاد حفظ الغذاء، وفتيٌّ يختلس الملاعق يتحدث عن عمل المنزل، وفتي يتطلّع من النوافذ يذكّر الجماعة أن الدفء والنور سلَعٌ يجب أن تُدار بحرص.
بالمجمل، يشكّل أولاد عيد الميلاد جوقةً من أصوات الشتاء، أقل رهبةً من الحكايات القديمة لكن قادرة على توجيه نظرةٍ تربوية صارمة. لقد لَطَّفَهم الزمن، لكنهم ما زالوا يحتفظون بأسنانهم. في أفضل رواياتهم ليسوا أشرارًا معاقبين بل سفراء لأخلاق الشتاء: كن يقظًا، كن كريمًا، أحضر الطعام إلى الموقد للضيوف، أصلح ما انكسر. عندما يستيقظ طفل ليجد عملةً مكان الحذاء، تكون الهدية أكثر من مجرد حلوى — إنها اعتراف بأن الأسرة والجيرة قد لاحظتا وكرّمتا التصرف، وتربط الحاضر بماضٍ حيث كان مثل هذا الالتزام قد يصنع الفارق بين النور والجوع.
خاتمة
قصة أولاد عيد الميلاد كنز محلي ونموذج عالمي لكيفية تحويل المجتمعات قسوة العالم إلى سرد. جاء الزوار الشتائيون الثلاثة عشر من الجبال كتجسيدٍ للنقص والتحذير، ومع القرون تلطّفوا وتحوّلوا إلى فكاهة وطقوس. الأسر التي تضع حذاء الطفل بجوار النافذة، أو تترك وعاءً صغيرًا من العصيدة، أو تروي قصةً جديدة كل ليلة تفعل أكثر من مجرد التسلية: إنها تنقل رؤيةً عن الكرم والمسؤولية والمقياس الإنساني للشتاء. يذكّرنا هؤلاء الفتيان أن الحذر يمكن أن يكون مرحًا، وأن التأنيب والسرور يمكن أن يشاركا الموقد، وأن الفولكلور يمكن أن يحمل حكمة عملية ضمن قالبٍ قصصي. اليوم يتشارك أولاد عيد الميلاد المساحة مع سانتا وبطاقات العطلات اللامعة، لكنهم يحتفظون بخصوصية تُثبّتهم في مناظر آيسلندا: تذكير أن القصص تسافر من الحجر والثلج إلى المطبخ والمهد، وتشكل كيف يحتفل شعبٌ بأطول الليالي وأصغر الأنوار.
