الفصل الأول: البداية
ذات مرة، في قرية صغيرة على حافة غابة واسعة، عاش حطّاب فقير مع زوجته وطفليه. كان اسم الصبي هانزل واسم الفتاة غريتل. كانوا يسكنون في كوخ متواضع، وغالبًا ما كانت بطونهم خاوية وقلوبهم مثقلة بالهموم.
كانت زوجة الحطّاب الثانية كثيرًا ما تفكر في طرق للتخلّص من الأطفال، لأن الطعام لم يكن يكفي للجميع. في أحد الأمسيات، وبعد أن نام الأطفال، قالت لزوجها: «اسمع يا زوجي، ليس لدينا ما يكفي من الطعام لكلنا. غدًا يجب أن نأخذ الأطفال إلى الغابة ونتركهم هناك. سيجدون طريقهم بأنفسهم أو يهلكون.»
وافق الحطّاب على مضض على خطة زوجته، رغم حزنه. لم يكن له قوة ليعارضها، وكانت نوبات الجوع أقوى منه.
مع ذلك سمع هانزل وغريتل المحادثة. بكّت غريتل بحرقة، لكن هانزل طمأنها قائلاً: «لا تبكي يا أختي العزيزة. سأجد وسيلة لإنقاذنا.»
عندما ساد الهدوء في البيت ونام الجميع، تسلّل هانزل من سريره، ارتدى معطفه وزحف إلى الخارج. تألّق ضوء القمر، فأضاء الحصى البيضاء المباثرة حول البيت. ملأ هانزل جيوبه بأكبر قدر استطاع من الحصى وعاد إلى فراشه.
في الصباح، قبل أن تشرق الشمس، أيقظت زوجة الأب الأطفال. «استيقظا يا كسالى!» صاحت. «سنذهب إلى الغابة لنجمع الحطب.» أعطت كل واحد قطعة خبز وقالت: «ها لكم لقمة لوجبة الظهيرة. لا تأكلوها قبل ذلك، فلن تحصلوا على شيء آخر.»
وضعت غريتل خبزها تحت مئزرها، بينما كانت جيوب هانزل ممتلئة بالحصى. وبينما كانا يسيران في الغابة، تأخر هانزل قليلًا ونثر حصاة بيضاء هنا وهناك على الطريق.
عندما وصلا إلى عمق الغابة، قال الأب: «اجمعا الحطب يا أطفال، وسأشعل نارًا حتى لا تشعران بالبرد.»
جمع هانزل وغريتل عيدانًا وأغصانًا وكونا كومة صغيرة. أشعل الحطّاب النار، وعندما اشتعلت النيران قالت زوجة الأب: «اضطجعا قرب النار واستريحا. سنذهب لنقطع الحطب، وعندما ننتهي سنعود لنأخذكما.»
جلس هانزل وغريتل بجانب النار، وعندما جاء وقت الظهيرة أكل كل منهما قطعة الخبز. انتظرا طويلاً، لكن لم يأتِ أحد ليأخذهما. ومع خمود النار شعرا بالتعب وناما.
عندما استيقظا كان الليل قد حلّ، فبدأت غريتل بالبكاء. لكن هانزل طمأنها: «انتظري قليلًا حتى يطلع القمر، وسنجد طريق العودة.» وعندما بزغ القمر، عكست أنواره الحصى البيضاء فأرشدتهما إلى الطريق. مشيا طوال الليل، وبالفجر وصلا إلى بيت والدهما.
فرح الحطّاب فرحًا شديدًا لرؤيتهما، فقد لم يرد التخلي عنهما. لكن زوجة الأب كانت غاضبة، وسرعان ما بدأت تخطط مرة أخرى.
الفصل الثاني: التخلي عنهما مرة أخرى
لم يمضِ وقت طويل حتى نقص الطعام في البيت أكثر، وقررت زوجة الأب أن تأخذهما إلى أعماق الغابة هذه المرة. حاول هانزل أن يجمع الحصى مجددًا، لكن الباب كان مغلقًا فلم يستطع الخروج. فطمأن غريتل قائلاً: «لا تخافي. نامي يا أختي العزيزة. سيساعدنا الله.»
في الصباح الباكر أيقظت زوجة الأب الأطفال وأعطت كل واحد قطعة خبز أصغر من سابقها. وفي الطريق إلى الغابة مزّق هانزل خبزه في جيبه، وتوقف كثيرًا ليهوّش فتات الخبز على الأرض.
قادتهما زوجة الأب إلى أعماق الغابة حيث لم يذهبا من قبل. مجددًا جمعا الحطب، وأشعل الأب نارًا. قالت الزوجة: «اجلسا هنا يا أطفال، وإذا تعبتما فناما. سنذهب إلى الغابة لنقطع الحطب وسنعود لنأخذكما.»
في وقت الظهيرة شاركت غريتل خبزها مع هانزل، لأنه كان قد استعمل خبزه لتمييز الطريق. لكن عندما حاولا تتبع فتات الخبز عائدين، وجدا أن الطيور قد أكلت الفتات. تجولا في الغابة طوال الليل وحتى اليوم التالي، فلم يجدا طريق العودة. تعبًا شديدًا سقطا تحت شجرة وناما.
الفصل الثالث: بيت من خبز الزنجبيل
عندما استيقظا واصلا التجوال حتى شاهدا طائرًا أبيض جميلًا. استقرّ على غصن وغنّى لحنًا عذبًا فتوقفا للاستماع. عندما طار الطائر تابعهما حتى وصلا إلى فسحة تظهر فيها بيت غريب.
كان البيت مبنيًا من الخبز كله، وسقفه من الكعك ونوافذه من السكر الشفاف. كان هانزل وغريتل جائعين لدرجة أنهما بدآ يأكلان من البيت. قطع هانزل قطعة من السقف، وقضمّت غريتل قطعة من نافذة السكر.
بينما كانا يأكلان، صاح صوت من داخل: «قَرِم قَرِم يا فأرٌ صغير، من الذي يقرض بيتي؟» فأجاب الأطفال: «إنها الريح، الريح، أيها الطفل الصغير.»
فجأة فتح الباب، وخرجت امرأة عجوز منحنية الظهر متكئة على عصا. قالت بلطف: «ادخلوا ادخلوا يا أطفال. لا بد أنكما تعبان وجائعان. تعالا إلى الداخل وسأعتني بكما.»
تبعاها إلى داخل البيت، حيث وضعت أمامهما وليمة من الفطائر المكسوة بالسكر، والتفاح، والمكسرات. وبعد أن أكلا، أراهما سريرين صغيرين فاستلقيا وناما.
{{{_03}}}
الفصل الرابع: فخّ الساحرة
كانت المرأة العجوز في الحقيقة ساحرة شريرة تغري الأطفال بدخول بيتها لتأكلهم. وعلى الرغم من مظهرها اللطيف، كان قلبها مملوءًا بالخبث. في صباح اليوم التالي، قبل أن يستيقظ الأطفال، نظرت إليهما وهما نائمان وابتسمت ابتسامة خبيثة: «سيكونان وجبة مفيدة لي.»
أمساكها بهانزل وأغلقت عليه في قفص صغير. ثم هزّت غريتل لإيقاظها وصاحت: «انهضي يا كسولة! اذهبي واحملي الماء واطبخي شيئًا طيبًا لأخيك. هو في الإسطبل ويجب أن نسمّنه. عندما يصبح سمينًا بما يكفي سأأكله.»
بكت غريتل بحرقة، لكن كل شيء كان بلا جدوى. أُجبرت على تنفيذ أوامر الساحرة. كان هانزل يحصل على أفضل الطعام، بينما لم تكن تحصل غريتل إلا على فتات. كل صباح كانت الساحرة تأتي إلى القفص وتهتف: «هانزل، أخرج إصبعك لأرى إن كنت قد سمِنت بعد.»
لكن هانزل الذكي كان يمدّها بعظمٍ صغير بدلًا من إصبعه. الساحرة، التي كانت رؤيتها ضعيفة، لم تميز الفرق، فلمست العظم واعتقدته إصبعه. تعجّبت من عدم زيادة وزنه، لكنها واصلت إطعامه.
{{{_04}}}
الفصل الخامس: شجاعة غريتل
بعد أربعة أسابيع ضاقت صدر الساحرة من الانتظار. قالت: «هانزل، سواء أكنت سمينًا أم نحيلًا، غدًا سأقتلك وأطبخك.» وأمرت غريتل بجلب الماء وتحضير الفرن. نفذت غريتل وهي تبكي بمرارة.
قالت الساحرة: «أولًا سنخبز. لقد سخّنت الفرن وعجنت العجينة بالفعل.» دفعت غريتل نحو الفرن وقالت: «زحفي إلى الداخل وتأكّدي إن كان شديد الحرارة بما يكفي لخبز الخبز.»
لكن غريتل، التي أدركت نوايا الساحرة، قالت: «لا أعرف كيف أفعل ذلك. كيف أدخل؟»
صرخت الساحرة بغضب: «يا غبية! الفتحة واسعة بما يكفي. انظري، أستطيع أن أدخل بنفسي.» ثم انحنت وأدخلت رأسها في الفرن. بسرعة دفعتها غريتل فسقطت الساحرة داخله. أغلقت غريتل الباب وأغلقت السِدادة. صرخت الساحرة وسبّت، لكن غريتل لم تخرجها حتى احترقت إلى رماد.
{{{_05}}}
الفصل السادس: الهرب
ركضت غريتل إلى قفص هانزل وفتحته. «هانزل، لقد نَجَونا!» صاحت. احتضن الأطفال بعضهما البعض ورقصا فرحًا. وبما أنه لم يعد هناك ما يخشونه، استكشفا بيت الساحرة. وجدا صناديق مليئة بالجواهر والعملات الذهبية.
قال هانزل وهو يملأ جيوبه: «هذه أفضل من الحصى.» أخذت غريتل بعضًا أيضًا، وخروجا من البيت. مشيا لساعات طويلة حتى وجدا طريق العودة إلى بيت والدهما.
أسرّ الحطّاب فرحًا لرؤية طفليه سالميْن. كان مفطور القلب منذ اختفائهما وقد طرد زوجته. والآن، ومع الجواهر والذهب اللذين أحضراه، عاشوا جميعًا في سعادة دائمة.
