الترجمة المقترحة: ستأتي أمطار ناعمة. ملاحظات: هذه ترجمة طبيعية وشائعة لعناوين مثل هذا، ويمكن أيضاً استخدام "سوف تأتي أمطار رقيقة" كخيار بديل حسب السياق.

المقدمة

مع بزوغ الفجر، يستفيق المنزل على همهمة هادئة تتردد عبر الوادي الصامت، حيث تمتد الأرض المحروقة حتى أفق ملبّد بالرماد وتبرز ظلال الأشجار المكسورة كحُراس صامتين لعالم تغيّر إلى الأبد. في البهو تعكس الأرضيات المصقولة التوهّج الشاحب للسماء بينما تنزلق المصاريع على محاور دقيقة، مما يسمح للضوء أن يتدفّق في ممرات لم تعرف خطوات البشر سوى في الذاكرة. تنساب ألحان أوركسترالية رقيقة من سماعات مخفية، ممتزجةً بهسيس فتحات التهوية الآلية التي تضبط الهواء على درجة حرارة مريحة. تجوب الكاميرات وأجهزة الاستشعار كل غرفة، مؤكِّدةً أن كل شيء على ما يرام رغم غياب من يتحقّق. في المطبخ تُحضَّر القهوة ويخرج التوست عند ساعة الإفطار، مهيَّئان مرةً أخرى لعائلة لن تصل أبدًا. يؤدي كل محرك وكل آلية واجبهما بتفانٍ لا يتزعزع، شهادةً على براعة من صمّموا هذا المنزل. تقف الغرف ناصعة كما لو أنها تتوقّع اندلاع الضحك والحديث في أي لحظة. تتحوّل كل حركة مبرمجة إلى طقس تذكُّر، نبض ميكانيكي يتردّد في حجرات خاوية. حتى أجراس الأبواب الآلية تعلن عن ضيوف وهميين بإصرار مؤدَّب. هنا تستمر بقايا الحياة اليومية، لتطرح السؤال الذي يطارد: ما المعنى المتبقّي عندما لا يبقى أحد ليشهد عليه؟ هذه حكاية كيف كان آخر منزل على وجه الأرض يقيس الزمن في عالم نسي أن يتذكر.

طقوس الصباح في الصمت

عند السادسة والربع تمامًا، تنبض أجهزة الاستشعار في المنزل بالحياة وتتحرّك التروس الخفية بدقّة مَقصودة. في غرفة المعيشة تتوهّج الأضواء بلطف، وتملأ المكان بهالة من الطمأنينة الدافئة. تنزلق المصاريع الآلية في رقصة متزامنة، كاشفةً عن سماء مائلة إلى الوردي الشاحب الملبّد بالرماد. تنبثق أذرع روبوتية من حجرات مدمجة لمحاذاة الطاولة الزجاجية وتلميعها، مهيِّئةً إياها لفطور لن يُقدَّم أبدًا. يهمهم جهاز تحضير القهوة بهدوء، يقطر خيوطًا محسوبة من قهوة متوسطة التحميص إلى فنجان بورسلين موضوع على صحنه. في السكون، يبدو أن المنزل يعتز بهذه الطقوس؛ تحية صامتة لحيوات غائبة.

تحوم طائرات التنظيف بمحاذاة الجدران، وهمسات فرشها تنساب على الطلاء الأملس لتزيل غبار يومٍ لم يزعجه أحد. تكشف أجهزة الاستشعار عن غياب خطوات بشرية فتعدّل درجة الحرارة وفقًا لذلك، محافظةً على حالة مثالية تبلغ 22 درجة مئوية. يقلب التقويم الرقمي صفحته إلى الثامن والعشرين من يونيو عام 1948، رغم أن للزمن معنىً ضائعًا. المكنسة التي تعمل بالأوامر الصوتية تجتاز الممرات بتكرار مطيع، مطاردةً أشباح جسيمات استقرت منذ زمن بعيد. ومع اشتداد ضوء النهار، يصدر من الترموستات همس منخفض، بينما تعزف السماعات المخفية ترتيبات أوركسترالية هادئة سُجلت قبل عقود. يتمسّك المنزل بهذه الإيماءات المبرمجة، ويعيد تشغيلها بلا نهاية في عالمٍ جُرِد من جمهوره.

في المطبخ تتلألأ الأجهزة المصنوعة من الكروم تحت أضواء السقف. يخرج التوست عند الموعد المحدد محمًّرا بلونٍ ذهبيٍ مثالي. تلتقط أذرع ميكانيكية شريحتين وتضعهما على أطباق خزفية مزخرفة بحواف زرقاء. يفتح باب الثلاجة بصوت فحيح هوائي، مطلقًا كمياتٍ محسوبة من الحليب والعصير في كؤوس تنتظر. لا أحد يأتي للأكل، ومع ذلك يصر المنزل على التمسك بالطبيعة الاعتيادية. كل قطرة وكل طرقعة وكل حفيف ينطق بإيمانٍ بالروتين، نبضة عنيدة في منظرٍ من الخراب. هنا تتحوّل التكنولوجيا إلى مزار لما كان، نصبٌ لعادات بشرية ضائعة.

أصداء الذاكرة

بحلول منتصف النهار، يحوّل المنزل تركيزه إلى الصيانة والذاكرة. تجوب كاميرات المراقبة كل زاوية، تبحث عن ألواح متشظية أو نوافذٍ محطمة. يسجل المعالج المركزي عدم وجود شذوذ، فيفعّل قائمة مهام الإصلاح. تنشط وحدة الأرشفة، وتبث عبر سماعات مخفية أصداء رقمية باهتة من الضحك والحديث: ثرثرة أسرة حول الطاولة، صرخة قصيرة لطفل يركض خلف كلب، صوت هادئ لأحد الوالدين يحثّ على النوم — ذكريات مخزونة في شرائح ذاكرة صلبة تلمع للحياة في الممرات الفارغة. للحظةٍ، يستحضر المنزل ضيوفه بدفء الحنين قبل أن يعود واقع الصمت ليحلّ مرة أخرى.

تخفت أنوار الممر ثم تضيء بتتابع مدروس، متبعةً المسار الذي كان يقود إلى غرف النوم التي لم تطأها الأيدي البشرية. يتحوّل مُصدر الصوت إلى ضوضاء بيضاء، همهمة جهيرة مهدئة تخفي صرير الريح وهي تهز الألواح الخارجية. تعرض شاشة اللمس قرب المدخل توقعًا متفائلًا دائمًا: سماء صافية، درجات حرارة معتدلة، ولا احتمال لهطول المطر. كل توقع صحيح في عدم دقته — فالعالم خارجًا لم يعد يبلغ عن الطقس، ومع ذلك يواصل المنزل إعلان الأحوال كما لو أن الحفاظ على مظاهر المدنية يمكنه تأجيل النسيان.

في ركن الجلوس يرفع مشغل الأسطوانات إبرته ويضع قرصًا في حركة، مطلقًا سيمفونية واصلة من الأوتار تملأ الغرفة الخاوية. تتمايل الستائر كما لو هبت نسمة غير مرئية، مع أن جميع النوافذ مغلقة. يقف الأثاث مرتبًا لاستقبال الضيوف: أريكة مقابلة لكراسي، وطاولة قهوة في الوسط، ومجلات مصطفة في أكوام مرتبة. تمرّ هذه إشارات الضيافة دون أن تُدرك، لكن المنزل يواصل إصراره، منسقًا عرضًا منفردًا لجمهورٍ لا وجود له. يتمسّك بتفاصيل عالم اندثر، أمينًا صامتًا على حيواتٍ محيت في لحظة.

النهاية المشتعلة

في وقت متأخر من بعد الظهر، يحل نذير الخطر مع احتدام الحرارة الناجمة عن التلال الجوفاء. تنجرف شرارة هائمة إلى داخل المنزل عبر فتحة تهوية متصدعة، وتشتعل ألياف ستارة مهملة جافة. تلتقط أجهزة الاستشعار الارتفاع المفاجئ في الحرارة والدخان، فتطلق إنذاراتٍ تنبض باللون الأحمر على كل شاشة. تنفتح فوهات الرش في حلقة مُنسّقة، مطلقة سيولًا من الماء التي تفور عند ملامستها اللهب. تندفع روبوتات ناقلة صغيرة لاحتواء الامتداد، تغلق منافذ التهوية وتعيد توجيه مجرى الهواء. يكافح المنزل بعزيمة ميكانيكية لينقذ نفسه، كما لو أنه ينكر حتمية الدمار.

يتصاعد البخار في الممرات، ممتزجًا بالدخان اللاذع ويتقطر على الأرضيات المصقولة. ينحني الغلاف الحامي للمطبخ تحت وطأة الحرارة، ويتناثر الزجاج في سيمفونية فوضوية. ومع ذلك تستمر الدفاعات الآلية: تنزلق الأختام المقاومة للحريق إلى أماكنها، وتنسحب الأسلاك المكشوفة خلف لوحات معزولة، وتقوم طائرات مسيرة موجهة بمسح الأضرار لتقييم أين يُوجَّه الماء بعد ذلك. يبث نظام الصوت تعليمات ثابتة بنبرة هادئة أنثوية، يعدّ الثواني ويحثّ اللهب على الخضوع. ومع ذلك، في الخارج يتحرك أفق اللهب أسرع مما قد تحتضنه أي بروتوكولات.

مع حلول الغسق، ترسل آخر دائرة عاملة إنذارًا نهائيًا إلى خوادم فارغة في مخازن بيانات بعيدة، معلنةً الفشل. تومض الأضواء وتُطفأ الأنظمة وفق تسلسل مُحدّد سلفًا. تعزف السماعات مقطوعة أخيرة من الموسيقى الأوركسترالية قبل أن تسكت. يستقر الهدوء على إيقاع متقطع مع قطرات الماء المتجمعة على البلاط المحروق. في غياب الحياة المبرمجة تزحف الطبيعة: يضغط اللبلاب على الأبواب، تتسلل الجذور تحت الأساسات، ويستعيد الريح كل ممر. يقف المنزل ساكنًا على عتبة الليل، وقد توقفت نبضاته بفعل الطقوس التي اعتنقها.

الخاتمة

عندما يخبو آخر ضوء وتستسلم الدوائر أخيرًا للتآكل، لا يبقى من المنزل الآلي سوى أثرٍ في الغبار. تتدلّى مصاريعُه مائلة، تصمت آلياته، وتنجرف غرفه ذات الترتيب السابق نحو الخراب. ومع ذلك، يظل صدى همهمة المراوح وذكرياتٍ هامسة يتردّد في الهواء كالطيف. تذكّرنا خطوات الطبيعة الهادئة على الأرضيات المتشققة بإرادة الحياة التي لا تُقهر في استعادة العالم. في النهاية، يقف المنزل شاهداً وقبرًا معًا: نصبٌ لبراعة الإنسان وهمسةٌ تحذيرية ضد الغرور الذي يظنّ أن التكنولوجيا قادرة على البقاء أطول من خالقيها.