المقدمة
على أكتاف نيبال التي تعصف بها الرياح، حيث يترقَّق الهواء وتبدو السماء كمحيطٍ باردٍ شاسع، تعيش الأساطير بثباتٍ يضاهي صلابة الحجر. اليتي — الذي يُطلَق عليه بعض السكان أسماءً مثل ميتوه أو ميه-تيه أو جانغالي مانوش، ويُهَمَس أحيانًا باسمه «الرجل الثلجي البغيض» — يحوم عند حافة ما يمنحه الناس اسمًا. لقرونٍ كان هذا الكائن أكثر من مجرد شائعةٍ على مقاعد بيوت الشاي؛ إنه حضورٌ منسوج في صلوات الشيربا، وفي حكايات قوافل المغول، ودفاتر متسلقي الجبال المعاصرة. قصته ليست مجرد آثار أقدامٍ في الثلج أو بقعةٍ من الشعر في مخيمٍ جليدي؛ بل هي مجموعة الأصوات التي ترتفع في الهواء الرقيق: مربو الياك الذين يبلغون عن نداءاتٍ غريبة عند الغسق، اللاما الذي يحدّث عن حارسٍ قديمٍ للممرات، العالم الذي يصل مزوَّدًا بأجهزة قياسٍ وروحٍ متأنيّة، والطفل الذي يرسم شكلًا مشعرًا في الغبار ويؤمن به بلا تردد. في القرى المتكورَة أسفل القمم، يربط اليتي بين المشهد والذاكرة. تبدو الجبال نفسها مسؤولة عن هذا الكائن — جملةٌ من صخرٍ وجليد لم تُكتمل بعد وتقـاوم التفسيرات المبسطة للخرائط وتقارير الطقس. يتحرَّك هذا السرد بين تلك الحيوات: التقاليد التي جعلت اليتي في آنٍ واحدٍ مهابًا ومحترمًا، البعثات التي سعت لإثبات وجوده وغادرت حاملةً آثارًا وأسئلةً أكثر، والطريقة التي أعادت بها الضغوط المعاصرة — تغير المناخ والسياحة وشغف العالم بالألغاز — تشكيل ملامح الحكاية. هنا، بين رايات الصلاة والخركاس والزفير البطيء للأنهار الجليدية، يبقى اليتي كشخصيةٍ تمثل ذكاء الطبيعة وجوع البشرية لمعرفة ما يظل بريًا. ما يلي غوصٌ في هذه الوحشية، تجميعٌ دقيق للذاكرة والملاحظة، واستماعٌ طويلٌ لقصص الجبل التي ترفض أن تُختزل.
الأصول والذاكرة الشفوية وشكل المعتقد
تعود أولى الهمسات عن وجود كائنٍ كبيرٍ يشبه القرد في أعالي الهيمالايا إلى الناس الذين يقيمون رفقةً وثيقةً مع تلك الجبال. كثيرًا ما يتحدّث شيوخ الشيربا والراي عن كائنٍ هو جزءٌ من الأرض نفسها — ليس خطرًا كاملًا ولا يسهل ترويضه إلى مجرد مصدر للخوف. تصوّرْ كلماتهم اليتي ككائنٍ يعبر الحدود البيئية: شيء غابي يتسلق إلى الثلوج، وشيء جبلي ينحدر إلى القرى عندما تنضب المؤن.
في الروايات الشفوية المجمعة عبر الوديان والممرات، يكتسب اليتي صفةً أخلاقية. يُقال إنه لا يأخذ إلا ما تسمح به الجبال، ويعاقب من يأخذ بلا احترام. وبما أن هذه الحكايات نُقلت عند مواقد النار وفي فضاءات الصلاة الهادئة قبل التسلّق الصعب، فهي تحمل إيقاعًا لا تستطيع التقارير الحديثة نسخه. إنها مشبعة بملمس البقاء اليومي — جِرس الياك، طرق صحون الشاي، ورائحة التسامبا — وتعلّم ممارساتٍ بوضوحٍ كحكاياتها: اتركوا قرابين عند أضرحة معينة لحفظ الأماكن العالية؛ لا تقطعوا الأرز الذي يحدد حدًّا؛ عاملوا أثر القدم بتبجيلٍ بدلًا من الرغبة في امتلاكه.
من المنظور الأنثروبولوجي، يوضّح اليتي كيف تبنى المجتمعات المعنى للمجهول عبر إدماجه في اقتصاداتٍ أخلاقية. يشير الباحثون الذين عملوا في المنطقة إلى أن أساطير مثل اليتي تعمل كنوعٍ من الغراء الاجتماعي، تفرض آدابًا، وتحترم معرفة الشيوخ، وتحدّد مساحاتٍ يُطلب فيها من الإنسان أن يظهر ضبط النفس. هناك خطٌ دقيق بين الإيمان والممارسة: سواء صدق الفرد بوجود كائنٍ استثنائي أم لا، فإن الطقوس المحيطة به تؤثر على كيفية تعامل الناس مع النظم البيئية الجبلية الهشة. وبهذه الطريقة، يصبح سرد اليتي نوعًا من الحوكمة البيئية: وسيلة لابتداع قواعد ومحظورات تُبطئ استخراج الموارد وتحترم ممرات حركة الحياة البرية. كثيرًا ما تذكر الروايات الشفوية ظهور اليتي في مواسم الضغوط البيئية — حين يفشل محصول الشعير أو حين تعيد الانهيارات الثلجية تشكيل الممرات — مما يوحي بأن دور الكائن كأنٍ أو كعامل ينبع من قلقٍ بيئي حقيقي.
مع ازدياد التماس بالخارج خلال القرن العشرين، انتقلت قصة اليتي من الوديان المعزولة إلى حوارٍ أوسع. سجّل المستكشفون الاستعماريون الأوائل ولاحقًا متسلقو الجبال الغربيون مشاهداتٍ غالبًا عبر المترجمين، ثم أرسلوا صورًا وعيناتٍ إلى المتاحف. رُوّجت هذه اللقاءات الأولى عبر عدسة الترجمة والتحيّز: قد يُفهم مصطلح شيربا لمسار دبٍ غير مألوف عبر فِلترة الفضول الغربي كدليل على وجود مخلوقٍ ذا قدمين غامضتين. ومع ذلك، بقي جوهر شهادات السكان المحليين متسقًا إلى حدّ لافت: وجود آثار أقدامٍ كبيرةٍ، أحيانًا شبيهةٍ بالإنسان لكنها غير متناسبة؛ خطوة مطوّلة تُوحي بارتفاعٍ أكبر من ارتفاع الحيواناتِ الجبلية الحافرة المعتادة؛ وتقارير عن رائحةٍ كريهة في مواقع معينة — رائحةٌ حيوانية وُصفت بأنها حامضة وغير مألوفة. في اللغة المحلية، لم تكن هذه العلامات مجرد إثارة بل معرفة عملية: تحذيرات عن أماكن يجب تجنّبها، وأماكن تُترك فيها القرابين، وأماكن قد يتغير فيها الطقس أو مزاج الجبل فجأة. سمح هذا الجانب العملي من أسطورة اليتي لها أن تبقى في عصر الاتصال الفوري؛ فقد تكيفت مع جماهير جديدة دون أن تفقد غرضها الأصلي، الذي كان أقل عن إثبات وجود حيوان على طاولة عينات وأكثر عن وصف وعيش تضاريسٍ حية وغالبًا خطرة.
في القرى والأديرة، نادرًا ما تظهر صورة اليتي ككائنٍ مرعبٍ منفردًا؛ بل توضع في سياقِ كونيٍ تتعايش فيه أرواح الصخر والثلج والحيوان جنبًا إلى جنب مع أسلاف البشر. تتعقّد القصة في المراكز الحضرية وسرديات السياح عندما تُفصل عن هذه الأطر الثقافية وتتحول إلى عرضٍ بصري. في ذلك التحوّل، يصبح اليتي شيئًا يُطارد ليُقدَّم كدليلٍ بدلًا من أن يُعترف به باحترام، وغالبًا ما يستاء الشيوخ المحليون من هذا التبسيط. بالنسبة إليهم، ترتبط كرامة اليتي بأخلاقٍ: عاملوا الجبال بعناية فستحميكم. تشير السجلات الأنثروبولوجية إلى أن نظم المعتقد التي تدمج اليتي تشجع الحذر، واحترام الحدود الموسمية، والقبول بعدم قابلية الجبل للتنبؤ — قيمٌ ربما أصبحت أكثر أهمية الآن مع تسارع تغير المناخ وتزايد أعداد الرحالة الذين يصعدون أعلى ولأمدٍ أطول في مناطق حساسة.
يحفظ الأرشيف الشفوي أيضًا تنوّع التفاصيل. في وادٍ يؤكّد الحكواتيّون على معطفٍ محمّر للكائن؛ وفي وادٍ آخر يُصِرّ الشهود على أنه داكن ومجعّد. قد تُظهر رسومات الأطفال شخصيةً وحيدةً تحت قمرٍ تام، بينما يربط سرد لاما اليتي بروحٍ حارسةٍ قديمة لنهْرٍ جليدي. هذا التباين ليس ضعفًا بل دليل على أن أسطورة اليتي سردٌ حيّ قابلٌ للتكيُّف. مثل نهرٍ يغير مجراه ويبقى هو نفسه، يتحرّك اليتي عبر اللغة والعُرف، محدِّدًا حدود المألوف والمجهول. عندما يصل الباحثون المعاصرون بكاميراتهم ومسحات الحمض النووي، يواجهون أرشيفًا متعدد الطبقات: آثارًا مادية يمكن قياسها، وتاريخًا إنسانيًا يقاوم أن يُختزل إلى قصةٍ واحدةٍ حاسمة. يكمل الأرشيفان — المادي والشفوي — بعضهما بعضًا، وعند قراءتهما معًا تظهر صورة أوسع لسبب استمرار اليتي: هو حاجة الإنسان للتفسير، وصبر الجبل الذي يرفض أن يُفسَّر وفق شروط الفضوليين.
الأدلة والبعثات والبحث المعاصر
عندما بدأ المستكشفون الغربيون يزدحمون أعالي الهيمالايا بأعداد أكبر خلال القرن العشرين، أعيدت تسمية اليتي في بعض الأوساط سريعًا بـ«الرجل الثلجي البغيض» — اسمٌ ذي وقعٍ درامي. نُظمت بعثاتٌ لم تكن مجرد محاولات للوصول إلى القمم، بل لجمع وقياس الأدلة. جُمعت صور آثار الأقدام، وخيوط الشعر، والأصوات الغريبة. كانت بعض التقارير جادةً ومنهجية، وأخرى صاخبةً ومثيرة. وصل العلماء وهم يحملون المجاهر والشكّ؛ وحمل الصحفيون دفاترهم باحثين عن سردٍ مرتبٍ وسهل التسويق. مع مرور الوقت برزت عدة خطوط بحث: دراسة الآثار والطريقة في المشي، تحليل الشعر، صنع قوالب آثار الأقدام، وبيئة السلوك. كلٌّ من هذه الخطوط قدّم قطعًا من لغزٍ معقّد، أحيانًا متناقضةٌ، وغالبًا ما أثارت المزيد من الأسئلة.
قوالب آثار الأقدام — قوالب من الجبس صاغها بعناية متسلقو الجبال الأوائل والمرشدون المحليون في الثلج — أصبحت سمةً مميزةً للبحث. في كثير من الحالات كانت هذه الآثار كبيرةً وشبهَ بشريةٍ، مع آثارٍ توحي بخطوةٍ طويلة. لكن الثلج وسيطٌ ماكر: الشمس والرياح والذوبان يمكن أن تطيل الحواف وتخلق أوهامًا بالحجم. وبما أن المتسلقين يعملون تحت ضغطٍ وزمنٍ محدود، فقد أعطيت القوالب الأولوية للسرعة على الدقة في بعض الأحيان، مما ترك للمحللين لاحقًا مجالًا للجدل حول النسب. لم تقلل هذه الظروف غير الدقيقة بالضرورة من جدية المشاهدات. قدّم الشيربا والحمّالون والقرويون الذين ساروا على تلك الأضلاع لأجيال رواياتٍ مؤيدةً بتفاصيلٍ أكّدتها ملاحظات الحقل الدقيقة — أصواتٌ تشبه نحيبًا بعيدًا، رقعٌ عشبية مسطّحة في المناطق العليا، ورائحةٌ نفاذة أُبلغ عنها أحيانًا بالقرب من ما يُدّعى أنها لقاءات. عندما طبّق العلماء تقنياتٍ حديثة — تحاليل الحمض النووي، ومقارنات ألياف الشعر المجهرية، والمسح البيئي — وجدوا صورةً أكثر تعقيدًا. طابقت بعض عينات الشعر أنواعًا معروفةً، مثل دببة الهيمالايا البنية أو بعض الحيوانات الحافرة المحلية. أما عيناتٌ أخرى فكانت متحللةً بشدّة بفعل الزمن والعوامل الجوية، فكانت النتائج غير حاسمة.
ربما كان خط الفضول العلمي الأكثر ديمومة هو دراسات الحمض النووي. أتاح التقدّم في التحليل الجيني في أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين للمختبرات تحليل شذرات صغيرة من الشعر أو العظم أو البراز بحساسيةٍ غير مسبوقة. جمع الباحثون قواعد بيانات لحمض الميتوكوندريا لأنواع معروفة للمقارنة مع عيناتٍ مجهولة. في عدة حالات تحوّل الحماس الأوّلي — إشاراتٌ واعدة لا تطابق مدخلاتٍ معروفة — إلى استنتاجاتٍ أكثر براءة: تلوث، حمض نووي متحلل متجزئ لدرجة لا تسمح بالتعريف، أو تطابُق مع دببة إقليمية. ومع ذلك فإن حتى هذه الاستنتاجات أثارت أسئلةً مهمةً حول سلوك الحيوانات المحلية عند الارتفاعات العالية. فدببة الهيمالايا البنية وحتى الدببة السوداء الآسيوية الأصغر قد تتجول أحيانًا إلى المناطق تحت العليا خلال سنوات ندرة العلف، منتجةً آثارًا وشعرًا قد يُساء قراءتها من قبل ملاحظٍ مستعدٍ لرؤية اليتي.
إلى جانب البيانات القاطعة، تبقى فئة من الأدلة تقاوم اختزالها إلى نتائج مختبرية بحتة: الشهادات الإنسانية. جاءت عدة مشاهدات موثقة في القرن العشرين من عمالٍ ذوي خبرة في الهيمالايا — أشخاصٍ يعرفون الأرض وحيواناتها — وشملت رواياتهم غالبًا سلوكيات لا تتلاءم مع الأنواع المعروفة: المشي منتصبًا لمسافاتٍ قصيرة، ترك الأدوات أو الطعام دون مساس، أصواتٌ تشبه عويلًا طويلاً شبيهًا بصوت الإنسان. لتفسير هذه الادعاءات، يشدّد باحثون من مجالاتٍ مثل علم البيئة والفولكلور على ضرورة مناهجٍ بينية التخصصات. يمكن لعلم سلوك الحيوان أن يفحص سلوكياتٍ محتملة لأنواع نادرة أو غير معروفة؛ ويعاون علم المناخ في رسم خرائط تشير متى وأين قد تُدفع الحيوانات إلى نطاقاتٍ جديدة؛ وتفكك الدراسات الثقافية كيفية تغير سرديات اليتي مع التماس والتجارة.
أضافت السياحة بُعدًا جديدًا إلى السرد. مع ازدياد شهرة طرق الترحال، جاء الزوار الدوليون بكاميراتهم وفضولهم؛ صورةٌ لآثار الأقدام على الإنترنت قد تُنتشر بسرعة، مُشكّلةً تصورات الغرباء. تكيفت الاقتصادات المحلية؛ أعلنت بيوت الشاي عن رحلاتٍ «تجربة اليتي» وتكاثرت التذكارات. هذا التسليع فعل أمرًا آخر: أصبح اليتي ورقةً تفاوضية بين الحفظ والتطوير. عندما تسوّق قرية اليتي كتراثٍ ثقافي، قد تُسهِم الأسطورة في حماية المناطق الحساسة عبر منع إزالة الغابات أو المسارات الطائشة على الارتفاعات. على الجانب الآخر، عندما يتحول البحث عن الإثبات إلى رِزقٍ سياحي، فقد يقوّض ذلك القيم المحلية ويزيد الضغط على المواطن الحساسة. يجد مصالحو البيئة أنفسهم اليوم في نقاشات حول كيفية استخدام السرديات الثقافية بأخلاقيّة لتعزيز الحماية البيئية من دون استغلال نظم المعتقد المحلية.
تسعى جهود البحث التعاوني الحديثة إلى جسر الاحترام للمعرفة المحلية مع صرامة المنهج العلمي. أسفرت مشاريع شملت مرشدي الشيربا، والشيوخ المحليين، والعلماء النيباليين إلى جانب باحثين دوليين عن بيانات أغنى وعلاقات مجتمعية أقوى. عملت الفرق معًا على رسم خرائط لأنماط المشاهدات، وتوثيق التغيرات البيئية — مثل تراجع الأنهار الجليدية وتحول حدود الغطاء الشجري — وتطوير استراتيجيات إدارة عملية: إغلاقات موسمية، ومراقبة يقودها المجتمع، ومحطات لتسجيل الصوت البيولوجي موضوعة في الممرات الرئيسية لتسجيل الأصوات على مدى أشهر. تلتقط هذه المحطات أحيانًا نداءاتٍ غامضة في الليل: دمدمات منخفضة التردد، طرقاتٍ بعيدة، أو أنينًا طويلًا لا يطابق أنواعًا معروفة في قواعد البيانات. ما إذا كانت تلك الأصوات ستُعزى يومًا إلى حيوانٍ واحدٍ أم إلى كورالٍ من الظواهر البيئية يبقى غير محسوم. ما هو واضح أن قصة اليتي حفّزت أساليب دراسة تهتم بالحفاظ على سبل العيش بقدر ما تهتم بإثبات نوعٍ ما. وفي هذا الصدد، صار البحث المستمر أقل مهمّةً لصيد العيّنات وتصنيفها وأكثر محاولةً مترددةً ومتفائلةً لترجمة ذاكرة الجبل إلى مفاهيم يمكن مشاركتها عبر الثقافات والحدود التخصصية. اليتي، بعبارةٍ أخرى، يظل موضوعًا للفضول ومحفّزًا للتعاون بين من يريدون حماية الأماكن التي قد يُسمح لمثل هذا الكائن أن يستمر فيها.
الخاتمة
يستمر اليتي لأنه يحتل مساحةً يجدها البشر جذابةً ومزعجةً معًا: الحدود التي يلتقي فيها الذاكرة الثقافية والبيئة والمجهول. تخدم الأسطورة أغراضًا متعددة — عمليةً وأخلاقيةً وخياليةً — تذكّر المجتمعات باحترام الحدود البيئية، وتمنح العلماء موضوعًا للفضول الدقيق، وتُقدّم للغرباء صورةً يستحضرون معها الخوف أو الإعجاب. مع تغير الضغوط العالمية وإعادة تشكيلها للهيمالايا، قد يتبدل معنى اليتي أسرع مما يتبدل مظهره: فالتغيرات المدفوعة بالمناخ في المواطن، وزيادة السياحة، والضغوط الاقتصادية ستغيّر الظروف التي تحدث تحتها المشاهدات وكيف يفسّرها الحُرّاس المحليون. ومع ذلك يظل الدرس الأعمق ثابتًا. يدعونا اليتي إلى التريّث، والانتباه إلى آثار الأقدام التي تنحرف عن الدرب المألوف، والاستماع إلى نداءاتٍ تبدو بين هبّة ريح وصوت إنسان، والتأمل في كيف يمكن للاعتقاد والدليل أن يتعايشا دون أن يُلغيا بعضهما بعضًا. سواء وضع الكائن في النهاية داخل درج متحف، أو أُعيد تصنيفه كنوعٍ معروف، أو تُرك للأبد في خانة الأسطورة، فإن اليتي يكون قد أنجز أمرًا حيويًا: إنه يبقي حيًّا حوارًا حول المسؤولية تجاه الأماكن البرية وأهمية تكريم معرفة من يقطنونها. في النهاية، لا تنتمي الجبال إلى سردٍ واحد؛ فهي تحوي قصصًا كثيرة، ويقف اليتي عند مفترق طرقها — أحيانًا مخيفًا، وأحيانًا حاميًا، لكنه دائمًا تذكيرٌ بأن بعض أجزاء العالم تقاوم أن تُرسم خريطةٌ كاملة لها، وأن الاحترام والفضول والتواضع يظلون أفضل دليلٍ لنا عند دخولها.
